إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
49659 مشاهدة
وجوب الحج والجهاد مع كل إمام برا كان أو فاجرا

ص (ونرى الحج والجهاد ماضيا مع كل إمام، برا كان أو فاجرا، وصلاة الجمعة خلفهم جائزة، قال أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث من أصل الإيمان، الكف عمن قال لا إله إلا الله، ولا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل. والجهاد ماضٍ منذ بعثني الله عز وجل، حتى يقاتل آخر أمتي الدجال، لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار، رواه أبو داود ).


س 57 (أ) ما حكم الجهاد والحج مع أئمة الجور (ب) وما معنى: ماضيان. (ج) وما حكم الصلاة خلف الظلمة (د) وما درجة الحديث المذكور. (هـ) وما معنى: ثلاث من أصل الإيمان. (و) وما دلالة الحديث؟
ج 57 (أ) يلزم الرعية طاعة ولاة الأمور، ولو ظهر منهم شيء من الظلم والجور، وقد روي في الحديث من خرج عن الطاعة، وفارق الجماعة، فمات مات ميتة جاهلية وقد قال الله تعالى: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وقد كان الصحابة والسلف يصلون خلف بعض الفسقة، ويقيمون الحج والجهاد تحت إمرة بعض الولاة الظلمة، كالحجاج والمختار بن أبي عبيد والوليد بن عقبة بن أبي معيط وكل هذا رد على الرافضة القائلين: إنه لا جهاد إلا مع إمام معصوم.
(ب) وقوله: ماضيان. أي واقعان موقعهما في الإجزاء، وأداء الواجب، وخص الحج والجهاد لاحتياجهما إلى أمير يقاوم قطاع الطريق، ويسوس الجيش، ونحو ذلك مما يحصل بالبر والفاجر.
(ج) وأما صلاة الجمع والأعياد والجماعات خلفهم فجائزة، لأن صلاتهم في نفسها كاملة الشروط والواجبات، ولم يزل السلف يصلون خلف أمراء الجور ولا يعيدون، وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم .
(د) وحديث أنس هذا رواه أيضا البيهقي والضياء المقدسي وفي سنده رجل مجهول، ولكن له شواهد.
(هـ) ومعنى قوله ثلاث من أصل الإيمان أن هذه الثلاث من خصال الإيمان، ومما يلزم كل مؤمن اعتقادها والعمل بها، فمن أخل ببعضها نقص إيمانه.
(و) ودلالة الحديث في الخصلة الثانية، حيث أخبر أن الجهاد ماض أي مستمر في هذه الأمة، لا يجوز تركه لجور جائر أو عدل عادل، وأنه مستقر في الشريعة، من حين فرض على النبي صلى الله عليه وسلم، إلى أن يقاتل الدجال في آخر الدنيا.